عثر على تمثال نفرتيتي فريق تنقيب ألماني عن الآثار بقيادة عالم المصريات لودفيج بورشاردت في تل العمارنة بمصر عام 1912. وضع التمثال في عدة مواقع في ألمانيا منذ عثر عليه، بما في ذلك منجم ملح في ميركس-كيسلنباخ، ومتحف داهليم في برلين الغربية، والمتحف المصري في شارلوتنبورغ والمتحف القديم في برلين. ومنذ 2009، استقر التمثال في متحف برلين الجديد إلى الآن .
أصبح التمثال النصفي لنفرتيتي رمزًا ثقافيًا لبرلين وكذلك لمصر القديمة. كما أثار جدلاً عنيفًا بين مصر وألمانيا بسبب مطالبة مصر بإعادة القطع الأثرية المهربة إلى مصر.
في 6 ديسمبر 1912، عثرت بعثة ألمانية للتنقيب على الآثار بقيادة عالم الآثار الألماني لودفيج بورشاردت على تمثال نفرتيتي في تل العمارنة، في ورشة عمل النحات المصري “تحتمس”، والتي عثر بها أيضًا على عدد من التماثيل النصفية التي لم تنته لنفرتيتي .
في عام 1924، عثر في أرشيف الشركة الشرقية الألمانية (التي تولّت أعمال التنقيب) على وثيقة حول اجتماع دار في 20 يناير 1913 بين لودفيج بورشاردت وبين مسؤول مصري رفيع لمناقشة تقسيم الاكتشافات الأثرية التي عُثر عليها في عام 1912 بين ألمانيا ومصر. ووفقًا للأمين العام لشركة الشرقية الألمانية (صاحب الوثيقة، الذي كان حاضرًا الاجتماع)، فإن بورشاردت كان عاقدًا العزم على أن يكون التمثال للألمان. ويشتبه في أن يكون بورشاردت قد أخفى قيمة التمثال النصفي الحقيقية، بالرغم من إنكاره لذلك .
اعتبر فيليب فاندنبرغ في صحيفة التايمز أن التمثال ، بين أشهر 10 قطع أثرية مسلوبة. عرض بورشاردت على المسؤول المصري صورة ذات إضاءة سيئة للتمثال، كما أخفي التمثال في صندوق عند زيارة مفتش عام الآثار المصرية “غوستاف لوفبفري” للتفتيش. كشفت الوثيقة عن أن بورشاردت، ادعى أن التمثال مصنوع من الجبس، لتضليل المفتش. ألقت الشركة الشرقية الألمانية باللوم على إهمال المفتش، وأشارت إلى أن التمثال كان على رأس قائمة التقسيم ، وأن الاتفاق كان نزيهًا .
تمثال نفرتيتي طوله 47 سم، ويزن حوالي 20 كيلوجرام، وهو مصنوع من الحجر الجيري ملوّن بطبقة من الجص. جانبا الوجه متماثلان تمامًا، وهو في حالة سليمة تقريبًا، ولكن العين اليسرى تفتقر إلى البطانة الموجودة في اليمنى. بؤبؤ العين اليمنى من الكوارتز المطلي باللون الأسود والمثبت بشمع العسل، بينما خلفية العين من الحجر الجيري. ترتدي نفرتيتي تاجًا أزرق مميز مع إكليل ذهبي، وعلى جبينها ثعبان كوبرا (وهو مكسور الآن)، بالإضافة إلى قلادة عريضة منقوشة بالزهور. الأذنان أيضًا عانت من بعض الأضرار .
و فقًا لديفيد سيلفرمان، فإن تمثال نفرتيتي انعكاس لنمط الفن المصري الكلاسيكي، ولم يلتزم بنمط الفن العماري الذي تم تطويره في عهد إخناتون. وظيفة التمثال بالضبط غير معروفة، إلا أنه يعد رمزًا للنحت في الفن المصري القديم.
أجرى لودفيج بورشاردت تحليلاً كيميائيًا للأصباغ الملونة للرأس، ونشرت النتائج في كتاب “صورة الملكة نفرتيتي” في عام 1923، وهي كالتالي :
الأزرق : مسحوق سيراميكي، ملون بأكسيد النحاس.
لون الجلد (أحمر فاتح) : مسحوق جيري ملون بأكسيد الحديد الأحمر.
الأصفر : من كبريتيد الزرنيخ.
الأخضر : مسحوق سيراميكي، ملون بالنحاس وأكسيد الحديد.
الأسود : من الفحم المثبّت بالشمع.
الأبيض : من الطباشير (كربونات الكالسيوم).
أصبح تمثال الملكة نفرتيتي واحد من أكثر القطع الفنية إثارة للإعجاب، وبمثابة نجمة في سماء متاحف برلين. كما اعتبر رمزًا للجمال، فهو يعرض امرأة ذات عنق طويل وحواجب أنيقة مقوسة وعظام بارزة وأنف نحيل وابتسامة غامضة وشفاة حمراء، مما جعل من نفرتيتي واحدة من أجمل وجوه العصور القديمة. كما يعتبر أشهر تمثال من الفن القديم، ولا يماثله شهرة سوى قناع توت عنخ آمون .
في عام 1930، وصفت الصحافة الألمانية تمثال نفرتيتي بأنه تمثال ملكتهم الجديدة، وأنه تربع على عرش الكنوز الفنية الألمانية، وأن نفرتيتي ستعيد تأسيس الهوية الوطنية الإمبراطورية الألمانية بعد عام 1918. وصف هتلر التمثال بأنه “تحفة فنية فريدة من نوعها، وأنه كنزًا حقيقيًا”، وتعهد ببناء متحف ليحتويه. وفي السبعينات، أصبح التمثال رمزًا للهوية الوطنية لكل من ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية اللتان تأسستا بعد الحرب العالمية الثانية. أصبح تمثال نفرتيتي رمزًا ثقافيًا لبرلين. وبلغ عدد زواره نحو 500,000 شخص سنويًا. كما اعتبر التمثال أفضل عمل فني من مصر القديمة، عبر كل العصور القديمة.
و في عام 1989، أصبح وجه نفرتيتي على البطاقات البريدية في برلين وعلى الطوابع البريدية الألمانية. وفي عام 1999، ظهر التمثال على الملصقات الانتخابية لحزب الخضر الألماني، وهو بمثابة وعد بعالم متعدد الثقافات مع شعار “امرأة برلين القوية”. ووفقًا لكلوديا بريجر، فهناك سبب آخر لارتباط تمثال نفرتيتي بالهوية الوطنية الألمانية، وهو المنافسة مع البريطانيين الذين اكتشفوا مقبرة توت عنخ آمون، ومن ثم حكموا مصر .
0 التعليقات:
إرسال تعليق